مدى مناسبة فرضية الاستمرارية بعد تفشي كورونا .. هيئة المحاسبين السعودية توضح

لعل من أهم الإجراءات الاحترازية المتخذة للحد من انتشار فيروس كوفيد – 19 هو الحد من التفاعل الجسدي بين الناس من خلال الاجتماعات والاختلاط في أماكن العمل والتسوق واللقاءات الاجتماعية ومنع السفر أو التنقل. ومثل هذه الإجراءات على أهميتها قد ألقت بظلالها على الأعمال التجارية سواء من حيث الحد من نطاقها، أو من حيث تقلص الطلب على المنتجات، مما قد يثير شكاً حول قدرة المنشأة على البقاء كمنشأة مستمرة. وبالمقابل قدمت الدولة عدداً من التسهيلات والدعم للأعمال التجارية لمساعدتها على تجاوز هذه الجائحة الصحية بأقل قدر من الضرر. وفي مثل هذه الظروف يثور التساؤل حول كيفية التعامل مع فرضية استمرارية المنشأة والآثار المحتملة لهذا الوباء على التقارير المالية.

 

وتود الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين التأكيد على أن المعايير الدولية للتقرير المالي المعتمدة في المملكة العربية السعودية مبنية على المبادئ والتي تطلب من الإدارة القيام بقدر من الاجتهاد لتطبيق متطلبات المعايير، ومنها ما يتعلق باستمرارية المنشأة.

 

وفي هذا السياق، ينص المعيار الدولي للمحاسبة رقم 7 على أنه يجب على الإدارة عند إعداد القوائم المالية أن ترجى تقييماً لقدرة المنشأة على البقاء كمنشأة مستمرة، ويجب على المنشأة أن تعد القوائم المالية على أساس الاستمرارية ما لم تكن هناك نية لدى الإدارة لتصفية المنشأة أو إيقاف عملياتها، أو لم يكن لديها أي بديل واقعي آخر سوى القيام بذلك، وعندما تكون الإدارة على علم، عند إجراؤها للتقييم، بحالات عدم تأكد جوهري، متعلقة بأحداث أو ظروف قد تثير شكوكاً كبيرة حول قدرة المنشأة على البقاء كمنشأة مستمرة، فيجب على المنشأة القوائم المالية على أساس الاستمرارية، فيجب عليها الإفصاح عن تلك الحقيقة، جنباً إلى جنب مع الأساس الذي أعدت عليه القوائم المالية، وسبب أن المنشأة لا تعد منشاة مستمرة، كما يطلب نفس المعيار من الإدارة عند تقييمها لما إذا كان افتراض الاستمرارية يعد مناسباً، أن تأخذ في الحسبان جميع المعلومات المتاحة عن المستقبل الذي يمتد على الأقل إلى اثنى عشر شهراً من نهاية فترة التقرير، دون أن يقتصر على تلك المدة.

وتعتمد درجة النظر في تلك المعلومات ومراعاتها على الحقائق القائمة في كل حالة. فعندما يكون لدى المنشاة تاريخ من العمليات المربحة، وسهولة في الوصول إلى الموارد المالية، فقد تتوصل المنشأة إلى استنتاج أن المحاسبة وفقاً لأساس الاستمرارية تعد مناسبة دون إجراء تحليل تفصيلي. وفي حالات أخرى، قد يلزم الإدارة أن تأخذ في الحسبان مجموعة واسعة من العوامل المتعلقة بالربحية الحالية والمتوقعة والجداول الزمنية لسداد الديون والمصادر الممكنة للتمويل البديل قبل أن تتمكن من التوصل إلى قناعة بأن أساس الاستمرارية يعد مناسباً.

 

وفي مثل حالة التأثيرات المحتملة لظروف فيروس كوفيد – 19، فإن على الإدارة أن تأخذ المعلومات المستقبلية للاثنى عشر شهراً التالية لفترة التقرير على الأقل سواء ما يتعلق بالتأثيرات السلبية للفيروس على سير الأعمال أو القدرة على سداد الديون، أو ما يتعلق بالتأثيرات الإيجابية لحزمة التسهيلات والدعم التي قدمتها الدولة للأعمال التجارية المتأثرة بانتشار الفيروس.

 

ومما ينبغي التأكيد عليه أيضاً على المنشأة تقييم مدى مناسبة إعداد القوائم المالية على أساس الاستمرارية في ضوء الأحداث التي تقع في الفترة اللاحقة لتاريخ نهاية السنة المالية وقبل نشرها لقوائمها المالية، حيث يجب تطبيق متطلبات المعيار الدولي للمحاسبة رقم 10 "الأحداث بعد فترة التقرير" بشأن إعداد القوائم المالية في ظل ظهور مؤشرات تمنع المنشأة من افتراض استمرارية الأعمال بعد تاريخ نهاية السنة المالية وقبل نشر القوائم المالية حيث ينص ذلك المعيار على أن تدهور النتائج التشغيلية والمركز المالي بعد فترة التقرير قد يشير إلى وجود حاجة للنظر فيما إذا كان افتراض الاستمرارية لا يزال مناسباً، وإذا لم يعد افتراض الاستمرارية مناسباً، فإن أثر ذلك سيكون منتشراً لدرجة أن هذا المعيار يتطلب إجراء تغيير جذري في أساس المحاسبة، وليس مجدر تعديل للمبالغ المثبتة بموجب أساس المحاسبة الأصلي.

 

وكما سبقت الإشارة إليه من حيث كون المعايير الدولية للتقرير المالي المتعمدة في المملكة مبنية على المبادئ، فإنه يجب على كل منشأة أن تقيم الآثار بحسب ظروفها الخاصة، ولا يمكن وضع تقييم عام لكل المنشآت نظراً لاختلاف هياكل التمويل وطبيعة الأعمال وتفاوت التأثير السلبي للفيروس أو التأثير الإيجابي للدعم الحكومي المقدم للمنشآت المتآثرة.

 

الأحداث بعد فترة التقرير

يعرف كل من المعيار الدولي للمحاسبة رقم 10 "الأحداث بعد فترة التقرير" والقسم رقم 32 من المعيار الدولي للتقرير المالي للمنشآت الصغيرة والمتوسطة الأحداث بعد نهاية فترة التقرير بأنها تلك الأحداث المواتية وغير المواتية، التي تحدث بين نهاية فترة التوقف والتاريخ الذي تعتمد فيه القوائم المالية للإصدار، ويوجد نوعان من الأحداث:

          أ‌-          تلك التي توفر دليلاً على ظروف كانت موجودة في نهاية فترة التقرير (أحداث بعد نهاية فترة التقرير تتطلب تعديلات).

       ب‌-       تلك التي تشير إلى ظروف نشأت بعد نهاية فترة التقرير (أحداث بعد نهاية فترة التقرير لا تتطلب تعديلات).

وتؤكد المعايير بأن الأحداث بعد نهاية فترة التقرير تشمل جميع الأحداث الواقعة حتى التاريخ الذي تعتمد فيه القوائم المالية للإصدار، حتى ولو وقعت تلك الأحداث بعد الإعلان العام عن الربح أو الخسارة أو عن المعلومات المالية الأخرى المختارة.

وعليه فإن على كل منشأة بالظر إلى تاريخ قوائمها المالية أن تنظر في التأثيرات المصاحبة لانتشار فيروس كوفيد – 19، وما إذا كانت توفر دليلاً على ظروف كانت موجودة في نهاية فترة التقرير. ومن غير المحتمل أن يكون لانتشار هذا الفيروس آثار تتطلب تعديلاً على القوائم المالية المعدة عن العام المالي المنتهي في 31 / 12 / 2019. نظراً لأنه في ذلك التاريخ لمكن هناك آثر على اقتصاد المملكة بشكل عام، وعلى أعمال المنشآت بشكل خاص، ولذا فإن التركيز سيكون على تأثير ذلك الفيروس على الظروف التي نشأت بعد نهاية فترة التقرير. ومثل هذه الأحداث لن تؤدي إلى تعديل في المبالغ المثبتة في قوائمها المالية لتعكس أحداثاً بعد نهاية فترة التقرير. ومثل هذه الأحداث لن تؤدي إلى تعديل في المبالغ المثبتة في قوائمها المالية لتعكس أحداثاً بعد نهاية فترة التقرير لا تتطلب تعديلات.

ومما يحسن التذكير به في هذه النشرة أنه من المهم أن توفر المنشأة إفصاحات كافية عن الآثار المحتملة لفيروس كوفيد – 19 إذا كانت ذات أهمية نسبية بحيث تساعد القوائم المالية المستفيدين على اتخاذ قرارات مدروسة وفقاً للمعلومات المتاحة. ويطلب المعيار الإفصاح عن طبيعة الحدث وعن تقدير لأثره المالي، أو بيان أن مثل هذا التقدير لا يمكن إجراؤه.

 

نقلاً عن نشرة هيئة المحاسبين السعودية لتوضيحية لآثار انتشار فيروس كورونا ( كوفيد-١٩) على إعداد القوائم المالية ومراجعتها.

موسومة تحت
  • ,
قراءة 864 مرات
سجل الدخول لتتمكن من التعليق

 

في المحاسبين العرب، نتجاوز الأرقام لتقديم آخر الأخبار والتحليلات والمواد العلمية وفرص العمل للمحاسبين في الوطن العربي، وتعزيز مجتمع مستنير ومشارك في قطاع المحاسبة والمراجعة والضرائب.

النشرة البريدية

إشترك في قوائمنا البريدية ليصلك كل جديد و لتكون على إطلاع بكل جديد في عالم المحاسبة

X

محظور

جميع النصوص و الصور محمية بحقوق الملكية الفكرية و لا نسمح بالنسخ الغير مرخص

We use cookies to improve our website. By continuing to use this website, you are giving consent to cookies being used. More details…