إن قضية دور الدولة في الحياة الاقتصادية تعتبر من أهم القضايا التي شغلت الفكر الاقتصادي في مختلف مذاهبه ، ومدارسه.
فقد إهتم الفكر الإقتصادي الكلاسيكي بدراسة إقتصاديات القطاع الخاص دون أن يولي إهتماماً لنشاط القطاع العام، فأفكار النظرية الكلاسيكية قامت على أساس إعطاء دور ضيق للدولة ثم حصره في المهام والأنشطة التقليدية التي يتجنب القطاع الخاص الإنفاق عليها.
وفي هذا المجال يرى آدام سميث Adam Smith أن الدولة يجب عليها الإهتمام فقط بالقضايات الدفاعية والقانونية دون أن تتخطى ذلك إلى المجالات الإقتصادية إلا في الحالات الإضطرارية، ولعل أفضل ما يبين وجهة نظر الفكر الكلاسيكي عبارة أحد رواد المدرسة الكلاسيكية ساي "إن أفضل النفقات أقلها حجماً"، وكل هذا حرصاً على مبدأ تحديد النفقات لضمان توازن الميزانية، والتي تمتاز بغياب النفقات الإستثمارية، وبالتالي ميزانية متوازنة، وغير منتجة لا تؤثر في الحياة الإقتصادية، فتدخل الدولة بحسبهم يؤدي إلى زيادة حجم النفقات العامة مما يحدث خللاً في توازن الميزانية وبالتالي لجوء الدولة إلى الإيرادات الغير العادية لتمويل عجز الميزانية، والمتمثلة في القروض أو الإصدار النقدي وهذا ما يؤدي إلى إضرابات في الحياة الإقتصادية والاجتماعية للدولة.
وعقب الأزمة العالمية 1929 أزمة الكساد العالمي الكبير وفشل أفكار النظرية الكلاسيكية في معالجة الأزمة، ظهرت أفكار النظرية الكينزية التي تعطي دوراً مهماً لتدخل الدولة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية عن طريق نفقاتها ومشاريعها العامة في مختلف المجالات فتدخل الدولة يأخذ عدة أشكال سواء عن طريق الإنشاء المباشر للمؤسسات والمشاريع الاستثمارية العمومية، والتي كانت سابقاً حكراً على القطاع الخاص أو عن طريق امتلاك جزء من رأسمال الغير كالأسهم أو مختلف صيغ التحويلات الاجتماعية لإعادة توزيع المداخيل، فنفقات الدولة في الفكر الكينزي يمكن أن تكون منتجة ومؤثرة في الإقتصاد ففي اوقات الركود الاقتصادي تستعمل كأداة رئيسية في السياسة المالية، فزيادة النفقات العامة في شكل إستهلاك أو استثمارات عمومية من جهة، وتقليص حجم الضرائب يساهم في تقريب الإقتصاد من حالة التشغيل التام، وذلك عن طريق تحريك مستوى الطلب الكلي.
إعداد الطالب
لحول كمال
تحت إشراف الأستاذ الدكتور
بوهنة علي
كلية العلوم الإقتصادية والتسيير والعلوم التجارية