أصدر مجلس الوزراء في المملك العربية السعودية بالأمس برئاسة خادم الحرمين الشريفين قراره بالموافقة على لائحتي تنظيم تعارض المصالح في تطبيق نظام المنافسات و المشتريات الحكومية ، و تنظيم سلوكيات و أخلاقيات القائمين على تطبيق نظام المنافسات و المشتريات الحكومية هما تأتيان استكمالاً لهذا النظام ، و الذي يتطلب أعلى معايير الحوكمة ، فالنظام في المادة الثانية منه يهدف إلى تنظيم جميع الإجراءات اللازمة ذات الصلة بالأعمال و المشتريات و منع استغلال النفوذ و تأثير المصالح الشخصية فيها و يأتي ذلك في ظل الحماية للمال العام ، بالإضافة أنه يهدف أيضاً إلى تحقيق أفضل قيمة للمال العام عند التعاقد على الأعمال و المشتريات و تنفيذها بأسعار تنافسية وعادلة ، لتعزيز النزاهو و المنافسة و المساواة و يأتي ذلك في إطار تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص.
تلك الاهداف في المجمل ترتبط تحقيقها بقيم عليا ، كما يرتبط تحقيقها بإيضاحات كافية و مناسبة بهذا الشأن من القضايا الأخلاقية ، و لتلك الأسباب فإن تطبيق هذا النظام يقتضي استكمال جميع قضايا الحوكمة ذا الصلة بتنظيم تعارض المصالح ة كذلك تنظيم سلوكيات و أخلاقيات العمل بهذا النظام.ً
و الدعم الذي بدأه ولي العهدي " السعودي " لمكافحة الفساد و ترسيخ قيم النزاهة و الحياد و الشفافية في جميع المنافسات و المشتريات الحكومية يؤكد على ذلك ، و عزم سموه على مواصل نزع جميع جذور الفسارعلى كافة أشكاله و طوائفه و التي تؤثر على التنمية و العدالة.
هناك مشكلتين تواجهان المؤسسات الاقتصادية بشكل عام وفقاً للنظرية الاقتصادية ، و هما مشكلة الوكالةAgency program و مشكلة عدم التماثل المعلوماتي ، و تعرف مشكلة الوكالة أن من لهم السلطة باتخاذ القرارات التي تتعلق بتخصيص الموارد الاقتصادية و من بينها القرارات الخاصة بالشراء و المنافسة العامة قد تكون لهم مصالح و أهداف متعارض مع الجهة المتعلقة بتلك القرارات الخاصة بالشراء ، و مهماكانت قوة الأنظمة الرقابية فإن تلك الأحداث و الوقائع من المحتمل حدوثها بشكل أو بآخر.
و تمنح الدولة الأموال و الأصول سعياً منها لتحقيق أهدافها و التي تصب في مصلحة المنفعة العامة للوطن ، بينما يقوم القائمون على تطبيق نظام المنافسات و المشتريات و الذين لديهم الصلاحيات التي يمنحها لهم هذا النظام ، و من خلالها يمكنهم التوجيه و التصرف بتلك الأموال و إبرام العقود ، و بما أنه يوجد إحتمالاً و لو ضئيلاً على تعارض مصالح و أهداف ، فقد أثبتت مختلف الدراسات الاقتصادية ضرورية وجود نظام رقابي لضبط تعارض المصالح و و ضمان الأفصاح و الشفافية عن وجود الأطراف ذوي علاقة أثناء عملية التعاقد.
وقد صمم نظام المشتريات و المنافسات في المملكة العربية السعودية بطريقة تضمن عدالة إجراءات الشراء الحكومي و تخصيص موارده و كذلك يضمن النزاهة و الشفافية و ساهم بشكل كبير في جذب المستثمر الأجنبي من خلال تحسين صورة أراضي المملكة كوجه متميزة للاستثمار الأجنبي ، لكن يبقى استكمال الجوانب الأخرى المتعلقة بالحوكمة يضيف و يعزز المصداقية بشكل أكبر ، و يعزز من الأخلاقيات و القيم و ثقافة العمل القائمة على الموضوعية و الحيادية و العدالة والشفافية.
و من ذلك المنطلق ، فإن الحوكمة الجيدة هي التي تتطلب وجود لوائح واضحة و محددة توضح بدقة حالات وجود تعارض المصالح ، حيث أنه مفاهيم تعارض المصالح و النزاهة والحيادية و كذلك الشفافية تحتاج غالباً لتطبيقها إلى الحكم الشخصي ، مما يتعرض البعض إلى الحيرة في حالة ترك تلك المفاهيم دون تحديد واضح و صارم من خلال تلك اللوائح لتجنب تعارض الصالح و كذلك تجنب تعرض الموظف إلى مخاطر عدم الحيادية.
ترتكز تنفيذ لائحة عدم تعارض المصالح على الأفصاح و الشفافية من قبل الموظفين ، و لذلك ستتم مساءلة الموظف تأديبياً عند مخالفته لتلك اللائحة ، و كذلك يكون مسئولاً عن الآثار المترتبة على تعارض مصلحته الخاصة و مصالح الجهة الحكومية ،كما أجازت لتلك الجهة الحكومية إلغاء المنافسة أو إلغاء ترسية القعد الناشئ عن التعارض ، هذا بالإضافة إلى المطالبة برد الموظف أي منفعة قد تحققت له من جراء ذلك بالإضافة بمطالبة الجهة بالتعويض عما لحقها من ضرر.