تعد الضرائب أحد أهم الأدوات الاقتصادیة والمالیة للدولة، والتی تستطیع من خلالها التأثیر فى الحیاة الاقتصادیة للمجتمع، فلم یعد الهدف الوحید للضرائب هو الحصول على أکبر حصیلة مالیة ممکنة فحسب، بل توسعت هذه الأهداف وامتدت لتشجیع عملیة التنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة وتحقیق التوازن المستهدف على المستوى المحلى للاقتصاد الکلى . ولأن الضریبة تمثل عبء ضریبیا یتم اقتطاعه من ایرادات الشرکة، لذلك تلجأ بعض الشرکات إلى ترتیب الأمور المالیة ومعالجتها بطرق تؤدى إلى تخفیض ذلك العبء بطرق مختلفة بعضها، قانونى والأخر غیر قانونى. وأصبح من الشائع لدى الشرکات تصمیم وتنفیذ اجراءات اداریة للحد من المدفوعات الضریبیة عن طریق أنشطة التجنب الضریبی (Lanis and Richardson, 2015).
تتداخل المسئولیة الاجتماعیة للشرکات مع المسئولیات الاقتصادیة والقانونیة والبیئیة والاخلاقیة عند قیام الشرکات باتخاذ القرارات وتحقیق أهدافها. وتهتم المسئولیة الاجتماعیة للشرکات بضرورة الأخذ فى الاعتبار أصحاب المصالح بالمفهوم الواسع، وعدم الاهتمام فقط بالمساهمین (Watson, 2014) .
ومن وجهة نظر المسئولیة الاجتماعیة للشرکات تعتبر السلطات الضریبیة أحد أهم أصحاب المصالح فى المشروع، فسداد الضرائب یتضمن أثار اجتماعیة على المجتمع لأن الحصیلة الضریبیة للدولة تمثل عامل أساسی لتمویل التعلیم والرعایة الصحیة وغیرها ، وعندما تمارس الشرکات أنشطة التجنب الضریبی یکون له أثار سلبیة على المجتمع، ففی هذه الحالة لا تقوم الشرکة بدفع نصیبها العادل من الضرائب مما یترتب علیه خسارة کبیرة وطویلة المدى على المجتمع ککل، وبالمثل یترتب علیه ضرر بسمعة الشرکة بالنسبة لعلاقتها مع أصحاب المصالح (Friese et al., 2008).
وبالرغم من أن السیاسة الضریبیة للشرکات غالباً ما تبدو منفصلة عن سیاسة المسئولیة الاجتماعیة للشرکات، إلا أنه فى ظل الأحوال الاقتصادیة التى تمر بها اقتصادیات الدول، وبصفة خاصة الدول النامیة، أصبح هناك تأثیر وعلاقة بین الأداء الاجتماعی للشرکات وممارسات التجنب الضریبی.
ویعتقد البعض (e.g. Hasseldine and Morris, 2013; Duhigg and Kocieniwsk, 2012; Peters, 2011) أن ممارسات التجنب الضریبی للشرکات من الممارسات غیر المسئولة اجتماعیاً، ومن ثم فإنه من المتوقع أن الشرکات المسئولة اجتماعیاً تکون أقل تجنباً للضریبة مقارنة بالشرکات غیر المسئولیة اجتماعیا.
وفى الوقت الراهن، تشهد مصر مرحلة للتنمیة الاقتصادیة وتدعیم المشروعات القومیة والبنیة التحتیة على مستوى الدولة ، وتولى منظمات الأعمال المصریة اهتماماً متزایداً بالمسئولیة الاجتماعیة من خلال الافصاح عن أنشطة المسئولیة الاجتماعیة الخاصة بها . وبالرغم من ذلك ، فمن الممکن أن تتورط الشرکات فى أنشطة أو ممارسات التهرب الضریبی والتجنب الضریبی على نطاق واسع ، مما یؤدى لخسارة المجتمع الایرادات الضریبیة التى کان من الممکن أن تغیر من المستوى المعیشی لحیاة ملایین من أفراد المجتمع . وهکذا فإن الاستراتیجیات الضریبیة المسئولة للشرکات یمکن أن تتکامل بنجاح مع مسئولیتها الاجتماعیة لتعزیز ثقة المتعاملین معها وأصحاب المصالح بها.
عمرو السید زکی محمود
کلیة التجارة - جامعة الاسکندریة